يعد المسجد النبوي في المدينة المنورة ثاني أقدس المواقع الدينية الإسلامية على الإطلاق، وكان إمامه الأول النبي محمد شخصيا.
وكان المسجد النبوي أول صرح تصله الطاقة الكهربائية في الجزيرة العربية، وذلك في عام 1909، حسب ما ورد في كتاب السلطان غالب القعيطي "المدن المقدسة والحج والعالم الإسلامي".
أسس النبي محمد المسجد في السنة الأولى للهجرة. وكان المسجد النبوي ثاني المساجد التي تبنى في المدينة - التي كان تعرف بيثرب قبل الهجرة. فقد سبقه مسجد قباء، حسب ما يقول سيف الرحمن المباركفوري في كتابه "الرحيق المختوم".
المسجد، الذي يحتوي على "الروضة من رياض الجنة"، حسب ما يوصف في العديد من المؤلفات الإسلامية، يقع الآن داخل المسجد النبوي الذي عاصر العشرات من القرون وتوسع إلى خارج حدود المدينة القديمة.
حسب التقليد الإسلامي، فإن الصلاة في المسجد النبوي أفضل من ألف صلاة تقام في أي مسجد آخر، عدا المسجد الحرام.
يحتوي المسجد في وضعه الحالي، بعد قرون من التوسعات، على قبر النبي محمد وقبري الخليفتين أبي بكر الصدّيق وعمر بن الخطاب، كما يحتوي على منازل زوجات النبي، علاوة على الروضة.
وورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة قوله إن النبي محمد قال "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".
شيّد المسجد في عام 632 ميلادية، جوار مسكن النبي محمد - أي قبل 1441 سنة - ولكنه خضع للعديد من التجديدات والتوسعات منذ ذلك الحين. وكان أكبر تلك التجديدات قد تم على يد الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزبز، وما زالت مستمرة إلى اليوم.
ويعتقد بأنه في حال إتمام التوسيعات الجارية حاليا، يمكن للمسجد - الذي يؤمه الملايين من الزائرين سنويا - استيعاب نحو 1,8 مليون مصل في الوقت الواحد.
سعة المسجد
لم تتجاوز سعة المسجد عند انشائه أكثر من 98 قدما في 115 قدما، حسب ما يقول ظفر بانغاش في مقالته الموسومه "تاريخ المسجد النبوي والقبة الخضراء"، التي نشرت في دورية تصدر عن معهد الفكر الإسلامي المعاصر (ICIT).
ولكن جرت عدة توسعات للمسجد في شتى الأزمان ليستوعب الأعداد المتزايدة من المصلين من كل أنحاء العالم والحجاج على وجه الخصوص. فالمسجد النبوي هو واحد من ثلاثة مساجد قال النبي محمد إنه ينبغي شد الرحال إليها ( والمسجدان الآخران هما المسجد الحرام في مكة والمسجد الأقصى في القدس).
يقول البروفيسور سباهيش عمر في مقاله الموسوم "النبي محمد وتحضر المدينة المنورة" إن مساحة المسجد اليوم تبلغ مئة ضعف مساحته الأصلية، وهو يحتل كل المدينة القديمة تقريبا.
ويقول البروفيسور عمر إن جدار المسجد الخارجي يجاور الآن وادي البقيع الذي كان يقع خارج المدينة في أيام النبي، حسب ما يقول الدكتور محمد واجد أختر في كتابه "تسعة أشياء لا تعرفونها عن المسجد النبوي".
محيط المسجد
من المعالم الرئيسية التي تحيط بالمسجد النبوي بقيع الغرقد وهي المقبرة الرئيسة لأهل المدينة منذ عهد النبي، وتقع حاليا عند الجدار الغربي للمسجد. ويرقد في البقيع المئات من صحابة النبي.
كما تحيط بالمسجد مبان حكومية ومستشفيات وفنادق فاخرة ومجمعات تسوق وطرق رئيسية.
القيّمون
تدير المسجد الحرام والمسجد النبوي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
ولكن مهمة خدمة ورعاية المسجد النبوي تعد من مسؤوليات البلاط الملكي السعودي، ولذا يلقب الملك السعودي "بخادم الحرمين الشريفين".
كان النبي محمد أول من أم المصلين في المسجد، وبعد وفاته واصل أصحابه والأجيال التي أتت بعدهم إمامة المصلين.
لم يكن للنبي محمد أي نواب، رغم أنه كان يطلب في بعض الأحيان من أبي بكر الصديق أن يؤم المصلين. ولكن يقال إن النبي دخل المسجد ذات مرة بينما كان أبو بكر يؤم المصلين، فانسحب الأخير وقاد النبي الصلاة.
ولكن أبا بكر أصبح بعد وفاة النبي محمد، أول الخلفاء الراشدين وإمام المدينة. وشهد المسجد النبوي منذ ذلك الحين أعدادا كبيرة من الأئمة والخطباء إلى يومنا هذا.
يتولى الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي منصب خطيب المسجد النبوي في الوقت الراهن، ولكن الحكومة أعلنت في الحادي عشر من شهر تشرين الأول / أكتوبر، تعيين إمامين آخرين للمسجد هما الشيخ أحمد الحذيفي - ابن الخطيب - والشيخ خالد المهنا.
كما يتولى أئمة آخرون مهمة الخطابة، وخصوصا في صلوات التهجد.
أما اسماء الأئمة التي تمكنّا من الحصول عليها من خلال الدكتور زاريوا ومكتب الأئمة والمؤذنين فهي:
الشيخ علي عبدالرحمن الحذيفي
الشيخ عبدالباري الثبيتي
الشيخ صلاح بدير
الشيخ عبدالله بعيجان
الشيخ أحمد الحذيفي
الشيخ أحمد طالب حميد
الشيخ حسين آل الشيخ
الشيخ عماد زهير حافظ
الشيخ خالد المهنا
المؤذنون
كان بلال بن رباح أول مؤذني المسجد النبوي، فبعد أن أخبر عبدالله بن زيد النبي محمد بالحلم الذي رآه عن الأذان، أمره الرسول بتلقين بلال الذي كان صوته أكثر جهورية.
أما اليوم، ففي المسجد النبوي 17 مؤذنا، حسب ما ذكر كبير المؤذنين الشيخ عبدالرحمن خاشقجي لصحيفة الرياض.
يتناوب ثلاثة مؤذنين يوميا في رفع الأذان بأسلوب يتيح لجموع المصلين سماعه بوضوح.
أما مؤذنو المسجد النبوي، فهم هؤلاء (حسب الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي).
الشيخ عبدالمجيد السريحي
الشيخ عبدالرحمن خاشقجي
الشيخ عبدالله حطاب الحنيني
الشيخ عادل كاتب
الشيخ أحمد عفيفي
الشيخ أحمد الأنصاري
الشيخ أنس شريف
الشيخ أشرف عفيفي
الشيخ عصام بخاري
الشيخ فيصل نعمان
الشيخ حسن خاشقجي
الشيخ إياد شكري
الشيخ مهدي باري
الشيخ محمد مجيد الحكيم
الشيخ محمد القصاص
الشيخ سامي الديوالي
الشيخ سعود البخاري
الشيخ عمر كمال
الشيخ عمر سنبل
الشيخ أسامة الأخضرالبدايات
يقول المباركفوري إن النبي محمد عند وصوله إلى يثرب اشترى قطعة أرض كانت تستخدم لتجفيف التمور بثمن 10 دنانير من يتيمين اسميهما سهل وسهيل. وكانت قطعة الأرض تلك أول مكان توقف فيه الجمل الذي ركبه النبي محمد إلى المدينة.
وشارك النبي محمد شخصيا في تشييد المسجد الذي بني بجدران طينية على أسس صخرية. واستخدمت جذوع وسعف النخيل في تشييد جزء من سقفه.
وكان المسجد النبوي في بداياته مواجها للمسجد الأقصى في القدس، والذي كان أول قبلة للمسلمين، وكانت له ثلاثة أبواب. كما كانت في خلفيته منطقة مظللة لإيواء الفقراء وعابري السبيل.
الا أن المحراب نقل إلى الجانب الشمالي عندما غيرت القبلة إلى الكعبة، فقد أغلق الباب الجنوبي واستبدل به باب آخر إلى الشمال.
وعندما طلب الصحابة من النبي دعم سقف المسجد بالطين، رفض، وقال "كلا بل عريش كعريش موسى"، ولم تبلط أرض المسجد إلا بعد سنوات ثلاث.
وقال ناطق باسم المسجد إن مساحته في البدء كانت 1050 مترا مربعا، زيدت إلى 1425 مترا مربعا - بأمر من النبي محمد - في السنة السابعة للهجرة.
بيت النبي
عندما توفي النبي محمد في حجرة زوجه عائشة المجاورة للمسجد دفن فيها.
ويقول الدكتور زاريوا إنه بعد وفاة النبي، اختلف الصحابة حول المكان الأفضل لدفنه. ولكن أبا بكر قال لهم إن النبي أخبره بأن مكان دفن الرسل هو نفس المكان الذي يسترد الله فيه أرواحهم.
ولذا، دفن النبي محمد في حجرة عائشة حيث توفي.
وعندما كان أبو بكر يرقد على فراش المرض، طلب من ابنته عائشة أن تدفنه في بيتها قرب قبر النبي، فوافقت على ذلك.
وطلب الخليفة عمر ذلك أيضا، وسمحت عائشة بدفنه في بيتها قرب قبري النبي ووالدها أبي بكر الصديق.
ولكن توسعة المسجد عبر القرون أدخلت منزل عائشة ضمن حدوده، وتقع القبة الخضراء الشهيرة الآن فوق قبور النبي وأصحابه.
دون أي مبالغة، شيّد المسجد بعمارة رائعة وتقنية متقدمة ودقيقة.
فهو صرح شيّد بعمارة جميلة تتقاطع مع التقنيات وفن العمارة والإدارة والكفاءة والدقة داخليا وخارجيا.
فمن مشهده الخارجي إلى باحاته، وإلى سقفه، الذي يزخر بالعديد من الزخارف التي تسلب الألباب، إلى حجمه وسعته وقبابه ومنائره وسقوفه وإضاءته وأجهزة التبريد المزود بها والسجاد الذي يكسو أرضه، لا يمكن للكلمات أن تعطي هذا المسجد حقه.
قال الناطق باسم الرئاسة العامة للمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ عبدالواحد الحطاب، إن في باحة المسجد النبوي 250 مظلة الغرض منها وقاية المصلين من الأمطار والأجواء العاصفة. وقال إن كلا من هذه المظلات المزودة بأنظمة للبزل، بإمكانها حماية 800 مصل من المطر وتغطي مساحات تبلغ 143 مترا مربعا.
أبواب المسجد
للمسجد النبوي الآن 41 بوابة حسب ما تظهر خريطة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي. وفوق كل من هذه الأبواب عبارة "أدخلوها بسلام آمنين" وهي آية من سورة الحجر. ويقول الشيخ الحطابي إن مجموع عدد الأبواب 85.
لبعض البوابات باب واحد، وأخرى بابان وثلاثة أبواب أو حتى خمسة أبواب، هذا إضافة إلى المصاعد التي يستخدمها الزائرون لبلوغ الطابق الأول وباحة سطح المسجد.
أما أسماء أبواب المسجد النبوي، فهي كما يلي وهي مستقاة من الخريطة التي أنتجتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وموقع madainproject.com:
باب السلام
باب أبو بكر الصدّيق
باب الرحمة
باب الهجرة
باب قباء
باب الملك سعود
باب الإمام البخاري
باب العقيق
باب السلطان عبد المجيد
باب عمر بن الخطاب
باب بدر
باب الملك فهد
باب أحد
باب عثمان بن عفّان
باب علي بن أبي طالب
باب أبو ذر
باب الإمام مسلم
باب الملك عبدالعزيز
باب مكة
باب بلال
باب النساء
باب جبريل
باب البقيع
باب الجنائز
باب الأئمة
توسعة المسجد
لم تتجاوز مساحة المسجد الذي أنشأه النبي محمد في السنة الأولى للهجرة 1050 مترا مربعا، حسب ما تقول الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي السعودية.
ونقلت صحيفة عكاظ السعودية عن الشيخ الحطاب، الناطق باسم الرئاسة، قوله إن مساحة المسجد وسعت إلى 1425 مترا مربعا حسب أمر النبي محمد بعد عودته من غزوة خيبر في السنة السابعة للهجرة.
وبعد قرون من وفاة النبي محمد، شهد المسجد النبوي العديد من عمليات التوسعة والترميم عبر أكثر من الف سنة، بدءا من عهد الخليفة عمر بن الخطاب إلى عهد الخليفة عثمان إلى عهود الأمويين والعباسيين والعثمانيين انتهاء بحكم آل سعود.
وفي حديث روي عن النبي محمد، فإن الصلاة في المسجد النبوي خير من ألف صلاة في أي مسجد آخر عدا المسجد الحرام في مكة.
إضافة لذلك، فإن المسجد النبوي هو واحد من ثلاثة مساجد فقط ينبغي للمسلمين أن يشدوا إليها الرحال (لا تشد الرحال الا للمسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)، ولذا فيقصد المسجد النبوي الملايين من الزائرين في الحج والعمرة.
يروى أن الخليفة عمر بن الخطاب قال إنه لا بأس في توسيع المسجد النبوي حتى إذا وصل إلى سوريا، ما دام مبنيا على أسسه الأصلية، حسب ما يقول الدكتور زاريوا.
وفي بحث عنوانه "النبي محمد وتحضر المدينة المنورة" يقول الدكتور سباهيتش عمر إن مساحة المسجد النبوي تضاعفت مئة مرة مقارنة بمساحته الأصلية وأصبح الآن يحتل كل المدينة القديمة تقريبا.
ويقول زاريوا، نقلا عن الدكتور محمد واجد أختر في كتابه "9 أشياء لا تعرفونها عن المسجد النبوي" إن جدار المسجد يجاور البقيع الذي كان يقع خارج المدينة المنورة، وأن المسجد النبوي يحتل الآن كل مساحة المدينة القديمة.
كان الازدحام سبب توسعة المسجد الأولى في عهد الخليفة عمر بن الخطاب في عام 638 ه. فقد اشترى عمر الأملاك المجاورة للمسجد غربا وجنوبا وشمالا ودمجها به. أما الجزء الشرقي، والذي كان يشمل حجرات أزواج النبي فلم تتأثر بهذه التوسعة.
كما قام الخليفة عثمان بن عفان بتوسيع المسجد وتطويره بعد أن تداول مع صحابة النبي في عام 29 للهجرة وذلك عندما أصبح المسجد لا يسع عدد المصلين الذين يؤمونه. وأمر الخليفة عثمان ببناء جدران المسجد بالحجارة والجص، كما نصبت فيه أعمدة من الحجارة المزخرفة ذات أعمدة حديدية، كما أعيد بناء السقف من خشب الصاج.
وفي عام 88 للهجرة، أعاد حاكم المدينة المنورة، عمر بن عبدالعزيز، توسعة المسجد بحيث بلغت مساحته 6440 مترا مربعا نزولا عند أمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك. وأمر الوليد ببناء أربع منائر في زوايا المسجد علاوة على محراب جديد. وزينت جدران المسجد الداخلية بالآجر والذهب والفسيفساء. وارتفع عدد الأعمدة إلى 232.
وأمر الخليفة العباسي أبو عبدالله محمد المهدي بتوسيع المسجد، وهو الذي حصل بين عامي 161 و165 ه، إذ اضيف اليه 60 شباكا و24 بابا.
وفي عام 654 ه، وبعد أن احترق المسجد، أمر الخليفة العباسي المعتصم باعادة بنائه، ولكنه لم يتمكن من ذلك نظرا لغزو بغداد من قبل المغول وسقوطها في عام 656 ه. ولكن عمليات الترميم والتجديد تمت في عصر المماليك.
وفي عام 974 ه، في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني، تم اصلاح القبة ووضع هلال جديد عليها. واستبدل العثمانيون بالأقمار المملوكية التي كانت منصوبة فوق المآذن والقباب هلالات مصنوعة من النحاس المطلي بالذهب. وطليت القبة باللون الأخضر في عام 1228 ه من قبل السلطان محمد الثاني.
انهار المسجد النبوي في عام 1277 ه، مما حدا بالسلطان العثماني عبدالمجيد الثاني إلى ترميمه وتوسيعه الى مساحة 10,303 أمتار مربعة. وأضيفت إلى المسجد في هذه التوسعة خمسة أبواب جديدة، كما زيد ارتفاع جدرانه إلى 11 مترا واضيف اليه أكثر من 600 مصباح زيتي، حسب ما أوردت شبكة الجزيرة في برنامجها "تعرف على المسجد النبوي".
وفي عام 1327 ه (1909 ميلادية) أصبح المسجد النبوي أول صرح في الجزيرة العربية يزود بالتيار الكهربائي، حسب ما يقول السلطان غالب القعيطي في كتابه "المدن المقدسة والحج والعالم الاسلامي".
وفي العهد السعودي، قام الملك عبدالعزيز آل سعود في عام 1950 بتوسيع المسجد النبوي حتى بلغت مساحته 16,327 مترا مربعا، وزيد عدد الأعمدة إلى 706. كما زود المسجد بمحطة لتوليد الطاقة الكهربائية وارتفع عدد المصابيح إلى 2,427، حسب الناطق باسم شؤون المسجد النبوي.
وفي عام 1973، أضاف الملك فيصل بن عبدالعزيز نحو 35 ألف متر مربع للمسجد من جهة الغرب لاستيعاب الأعداد المتزايدة للزائرين. وتم تعبيد هذه المنطقة وتزويدها بالمراوح ومكبرات الصوت كما تم نصب مظلات فيها لوقاية الزائرين من حرارة الشمس.
وبعد التوسعة التي أمر بها الملك خالد بن عبدالعزيز في عام 1398 ه، أمر الملك فهد بن عبدالعزيز بتوسيعه مرة أخرى بين عامي 1405 و1414 ه. وفي هذه التوسعة، كبّرت العديد من أبواب المسجد كما نصبت سلالم كهربائية في 41 من أبوابه. وزيد عدد الأبواب إلى 85 - هذا علاوة على القباب المزخرفة الجميلة والمنائر الأربع.
أما أكبر مشاريع توسعة المسجد النبوي، فقد جرى بأمر من الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 2012 وكان الغرض منه زيادة الطاقة الاستيعابية للمسجد إلى نحو مليوني زائر.
وقال وزير المالية السعودي آنذاك ابراهيم العساف إن مساحة المسجد ستبلغ 614,800 متر مربع وأن المساحة الكلية للمسجد وباحاته ستبلغ 1,020,500 متر مربع. وستتيح هذه المساحة استيعاب مليون مصل داخل المسجد و800,000 آخرين في باحاته.
وقال الناطق باسم المسجد إن الملك عبدالله أمر أيضا بنصب 250 مظلة اضافية عند أعمدة باحات المسجد لتظلل مساحة تبلغ 143,000 متر مربع. وبامكان هذه المظلات ذات التقنية المتطورة أن تحمي المصلين من أشعة الشمس الحارقة والأمطار.
ونقلت صحيفة عكاظ السعودية عن الناطق عبدالواحد الحطاب قوله إن نحو 100 منزل تبلغ مساحتها 12,5 هكتارا ستزال في المحورين الشرقي والغربي في نطاق مشروع توسعة المسجد.
وأضاف الناطق أنه عندما خلف الملك سلمان الملك عبدالله، أكد على ضرورة الاستمرار في مشروع توسعة المسجد النبوي وغيره من المشاريع التي تشمل الحرمين من أجل خدمة الزائرين وتيسير مراسم الحج والعمرة.
ومن المتوقع أن تتيح التوسعة في مرحلتيها الثانية والثالثة المجال لاستيعاب أكثر من مليون مصل، بينما أتاحت مرحلة التوسعة الأولى استيعاب 800 ألف مصل وزائر. وقال الناطق إن مراحل التوسعة الجديدة ستزيد الطاقة الاستيعابية للمسجد إلى أكثر من 1,2 مليون من المصلين بحلول عام 2040.
الآثار والمعالم
منبر النبي
يعد المنبر الذي كان النبي محمد يلقي منه خطبه لأتباعه من أعز وأثمن ما يحتويه المسجد النبوي.
كان المنبر الأول في المسجد النبوي مصنوعا من خشب النخيل وفيه ثلاث درجات، حسب ما يقول صفي الرحمن المباركفوري.
واستخدم الخلفاء الراشدون الذين كانوا يؤمون الصلاة بعد النبي نفس المنبر لالقاء خطبهم.
ففي عهدي خلافة أبي بكر وعمر، كان الخليفتان يلقيان خطبهما من الدرج الثاني من المنبر.
وبينما كان الخليفة عثمان بن عفان يلقي خطبه من الدرج الأول من المنبر، عاد ليلقيها من الدرج الثالث كما كان يفعل النبي محمد.
ولكن منبر النبي دمّر في حريق التهم المسجد في عام 886 ه، مما حدا بسكان المدينة إلى بناء منصة من الطابوق مكانه إلى أن تبرع السلطان المملوكي قايتباي بمنصة من الآجر.
المحراب
في المسجد النبوي محرابان، الأول هو الذي كان النبي محمد يؤم منه المصلين. ويقع هذا المحراب الآن بالقرب من الروضة والمكبرية التي يرفع منها الأذان. ويقول الدكتور أختر إن "المحراب النبوي يغطي كليا المساحة التي كان النبي يؤم منها المصلين عدا المكان الذي كان يضع فيها قدميه."
أما المحراب الثاني، حسب ما أفاد مسؤول لقناة العربية، فهو المحراب العثماني الذي ما زال يستخدمه الأئمة. بني هذا المحراب أثناء ترميم المسجد في فترة الحكم العثماني - وهي المرة الأخيرة التي وسّع فيها المسجد من الجهة الشمالية.
وهناك في المسجد محراب ثالث، يقول الدكتور أختر إنه يسمى المحراب السليماني او المحراب الحنفي الذي بني بأمر من السلطان سليمان القانوني من أجل أن يؤم منه امام حنفي المصلين بينما كان امام مالكي يؤم المصلين من المحراب النبوي.
الروضة
تقع الروضة بين المنبر النبوي ومنزل النبي محمد.
وحسب ما روى البخاري عن أبي هريرة أن النبي قال "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ".
الروضة مفتوحة للزائرين طوال الوقت، مع أوقات مختلفة للرجال والنساء. ويصلي الزائرون عادة في الروضة قبل توجههم لزيارة قبر النبي.
زودت الروضة بزخارف فريدة ومعالم جمالية من سجاد وتحف اثناء عمليات توسعة وتجديد المسجد النبوي.
وتقول الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في السعودية إن مساحة الروضة تبلغ 330 مترا مربعا، إذ يبلغ طولها 22 مترا وعرضها 15 مترا.
وتشهد الروضة وجودا دائما لرجال أمن ومسؤولين آخرين لضمان نظافتها وحرية حركة زائريها.
القبة الخضراء
تعد القبة الخضراء واحدة من المعالم الرئيسية في المسجد النبوي. وتعتلي القبة أضرحة النبي والخليفتين أبي بكر وعمر بن الخطاب.
يقول السمهودي في كتابه "وفاء الوفاء" إن القبة الأولى بنيت فوق ضريح النبي محمد بعد 650 سنة على وفاته، وذلك في عام 1279 (678 ه) من قبل السلطان المنصور سيف الدين قلاوون، حاكم مصر المملوكي، وكانت مبنية من الخشب.
ويقول الدكتور أختر "إن القبة الخضراء التي نراها اليوم هي في الحقيقة القبة الخارجية المبنية فوق ضريح النبي. وهناك قبة داخلية أصغر حجما بكثير مكتوب عليها أسماء النبي وأبي بكر وعمر من الداخل".
كان شكل القبة مربعا في الأسفل وذا ثماني الزوايا في الأعلى، وقد تم تجديدها بعد أن احترقت أكثر من مرة. وأعاد السلطان العثماني الغازي محمود خان الثاني بناءها حسب ما ورد في موسوعة الجزيرة.
ويقول الدكتور أختر، نقلا عن "مذكرات رفعت باشا"، إن القبة كانت بيضاء اللون ثم طليت باللون البنفسجي قبل أن تطلى باللون الأخضر في حوالي عام 1837.
المكتبة
تقول رئاسة المسجد إن مكتبة المسجد النبوي أسست في عام 1352 ه نزولا عند طلب مدير أوقاف المدينة المنورة آنذاك عبيد مدني.
وتضم المكتبة كتبا يعود تاريخها إلى ما قبل تأسيسها، مثل الكتب التي كانت ضمن مكتبة الشيخ محمد عزيز الوزير.
واضافة إلى قاعات المطالعة، تضم المكتبة قسما للتسجيلات الصوتية يحتفظ فيها بتسجيلات الدروس والمواعظ والصلوات التي تقام في المسجد النبوي. أما القسم الفني، فهو مسؤول عن تجليد وترميم والمحافظة على المجلدات والمخطوطات القديمة.